لفت تقرير حديث لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى المشكلات التي تواجه بعض النساء المغربيات، فيما يتعلق برفض مؤسسات فندقية استقبالهن، ما لم يكنّ برفقة أزواجهن أو “ولي شرعي”.

وأبرز تقرير المنظمة الدولية المعنون بـ”محاصرة.. القيود على سفر المرأة من المحيط إلى الخليج”، تواصل القرارات التي تمنع بعض النساء من الإقامة في الفنادق المتواجدة في مدن إقامتهن بالمغرب، “إما بسبب سياسة الدولة” أو نتيجة “للممارسة العملية”، رغم  عدم استناد مثل هذه القرارات إلى أي سند في القوانين المغربية.

وفيما تنفي السلطات المغربية إصدار تعليمات للفنادق لمنع النساء من الإقامة بمفردهن في مدن إقامتهن، يكشف تقرير المنظمة الدولية وفعاليات حقوقية محلية، استمرار هذه القرارات ومعاناة فئات من النساء من هذه الممارسات “التمييزية”.

“ممارسات عنصرية”

في هذا الجانب، تؤكد نجية تزروت، رئيسة شبكة “إنجاد” التي تواكب مئات النساء ضحايا العنف بالمغرب، توصّل الشبكة بحالات لمجموعة من النساء اللائي رفضت فنادق في نفس مدينتهن استقبالهن دون ولي أمر، وذلك دون تقديم أي أساس قانوني لقرارها.

وتشير تزروت في تصريح لموقع “الحرة”، إلى أن بعض الفنادق تتحجج بـ”تطبيق التعليمات”، أو تقول إن الأمر متعارف عليه في تبريرها لهذه “الممارسة العنصرية والتمييزية التي تضرب عرض الحائط كل أشكال التطور الحقوقي الذي تم التوصل إليه في مجال حقوق النساء ببلادنا”.

وسبق أن حكت الفنانة المغربية نورا الصقلي في أحد الحوارات عن تعرض صديقتها الفنانة سامية أقريو لمشكلة في فندق بالدار البيضاء، توجهتا إليه خلال مشاركتهما في إحدى الجولات المسرحية، حيث قبل الفندق استضافة الأولى لأن بطاقتها الوطنية (الهوية) تشير لإقامتها في الرباط، فيما رفض استقبال الثانية، لأن هويتها تشير لسكنها بالعاصمة الاقتصادية (الدار  البيضاء).

وتلفت الناشطة الحقوقية إلى خطورة استمرار مثل هذه الممارسات، مبرزة أنه بعيدا عن كون حرية وحق التنقل والدخول إلى الأماكن العمومية مضمونين قانونيا ودستوريا، نجد أن الكثير من النساء يلجأن إلى فنادق باعتبارها “ملاذا أخيرا آمنا، هربا من العنف الأسري أو الزوجي”.

وتضيف المتحدثة ذاتها، أن نساء كثيرات كن ضحايا لهذه الممارسات غير المبررة، متسائلة باستنكار عن دواعي استمرارها، وعن الخطر  الأمني أو المجتمعي الذي قد تشكله سيدة، حجزت غرفة في فندق بالمدينة التي تعيش فيها، سواء بقرار أو رغبة طوعية منها، أو كانت مجبرة على ذلك”.

وتتابع الحقوقية المغربية أنا مواطنة شأني شأن باقي المواطنين الرجال من حقي أن أذهب إلى الفندق بمدينتي أو أي فضاء عمومي آخر، مهما كانت أسبابي الخاصة، دون التعرض لمثل هذه المضايقات، غير القانونية ولا المبررة، مشددة على ضرورة محاربة مثل هذه السلوكيات التي تطبق خارج القانون، ومحاربة العقليات والممارسات التي تقف أمام حقوق وحريات النساء. 

“عار”

ويضمن الدستور المغربي لعام 2011 حرية التنقل للجميع، وينص على أن “حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه مضمونة للجميع، وفق القانون”.

كما ينص على “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد..”، وعلى أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في الدستور، وكذلك في الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

المحامي والخبير القانوني، محمد الموم، يؤكد غياب أي نص أو سند قانوني، لمثل هذه القرارات بجميع فنادق المغرب، ويشدد على أنه لا يمكن لشرط الإقامة أن يحول دون استفادة المرأة من حقها في المبيت، أو الإيواء بالفنادق.

ويضيف المحامي المغربي، في تصريح لموقع “الحرة”، أنه بالرغم من كون هذه الأخيرة مؤسسات خاصة، فإنها تقدم خدمات عامة وحيوية، متمثلة في المبيت والإيواء، مشيرا إلى أنه لا يمكن رفض استقبال أي مواطن إلا في الحالات المنصوصة عليها قانونا، التي تتعلق بكونه قاصرا أو غير مؤهل عقليا، أو حاملا لممنوعات.. إلخ.

ويبرز الموم، أن إقدام المؤسسات الفندقية على منع النساء من خدمات الإقامة أو المبيت في فنادق المدن التي يقطن بها، يبقى “قرارا تعسفيا وتمييزيا مخالفا للدستور وللقوانين والضوابط المنظمة لعملية الاستفادة من الخدمة من الفنادق، بل “عارا  في ظل التراكمات والأشواط التي قطعها المغرب في مجال حماية حقوق النساء”.

ويوضح المتحدث ذاته أن من حق أي امرأة تضررت من مثل هذه القرارات اللجوء للقضاء، للمطالبة بالتعويض عن الأضرار النفسية والمادية التي إصابتها بسببها.

“جدل متواصل”

وتطرح قضية منع النساء من دخول الفنادق المتواجدة بمدن إقامتهن، جدلا سياسيا وقانونيا منذ سنوات، وسبق أن انتقد نواب برلمانيون استمرار هذه “المعاملة العنصرية”، في وقت يسمح فيه للمواطنين من الرجال بالولوج دون شرط أو قيد.

والعام الماضي، وجه الفريق الاشتراكي بالبرلمان المغربي (معارضة) مراسلة كتابية لوزارة الداخلية لاستفسارها عن استمرار هذه الممارسات، معتبرا أنه من غير المقبول أن تواجه النساء قرارات المنع في كل مرة يذهبن فيها إلى فندق، وتبرير هذه القرارات بـ”تعليمات” أو “أعراف”.

وردت وزارة الداخلية، بالتأكيد على أنه “لم يسبق لها أن أصدرت أي تعليمات لمصالحها المختصة من أجل إلزام أرباب الفنادق والمؤسسات السياحية بعدم السماح بمبيت النساء في الفنادق الموجودة بالمدن التي تقطنّ به”.

وتابعت الداخلية المغربية على لسان الوزير، عبد الوافي لفتيت، في رده على مراسلة الفريق النيابي، شهر سبتمبر الماضي “أن الأبحاث التي أجريت بهذا الشأن لم تسفر عن وجود أي تجاوزات في هذا الإطار ولم تسجل أية شكاية بهذا الخصوص”.

وحاول موقع “الحرة” التواصل مع عدد من الهيئات الخاصة الممثلة لأصحاب الفنادق، غير أنه لم يتوصل بأي رد إلى حدود نشر التقرير.

المصدر

أخبار

“عار”.. جدل وانتقادات لـ”منع” مغربيات من الإقامة بالفنادق في مدنهن

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *